ضباط وصحفيين يستذكرون ٤٩ عام لمشاركة جيش العراق بالحرب العربية الاسرائيلية الرابعة تشرين ١٩٧٣
12-أكتوبر-2022

بغداد / رحيم الشمري :
ابرز ضابط الدروع بالعالم سليم الامام
كتب بطل الجولان وحامي دمشق ١٩٧٣ العقيد الركن والسفير سليم شاكر الامامي اسطر اثرت نقلها ، كونه لايكتب عن انجازاته تواضعاً ، وكتب ما ستقرأوه ، القصير الموجز المعبر بنفس الوقت ، اليكم ما كتب ،"أستقبلنا الذكرى التاسعة والإربعين لحرب عربية على إسرائيل ، أول حرب جبارة خطط لها بعض القادة العرب وعلى رأسهم المرحوم محمد أنور السادات ومن إختارهم من مصر وسوريا ، وبدهاء وحكمة أعادت للعرب بعض عزتهم وكرامتهم ، ولابد لي من الإشادة والتذكير بالدور الهام والإساسي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، الذي تولى بنفسه اعادة بناء وتسليح القوات المسلحة المصرية التي تحطمت بعد هزيمة عام ١٩٦٧ ، ومن ثم التخطيط لحرب الاستنزاف والتخطيط وقيادة ومسح أثارها ، ثم بدأ وبعد مرور بضعة أسابيع حرب إستئنزاف أطول حروب العرب مع إسرائيل ، فقد إمتد لأكثر من ثلاثة سنوات ، وفرض الرئيس عبد الناصر نمط أو طريق وأساليب وحتى أسلحة الصراع ، وحده أمر لم يوفق فيه إلا بعض أعظم القادة على مدى تأريخ الحرب ، وحرم إسرائيل من إستخدام الدبابة بل ومعظم الأسلحة عدى الطيران والصواريخ والمدفعية والحرب السرية ، والكل يعرف دور الدبابة في حروب عدونا، وأول حرب تضغط إسرائيل على واشنطن بتسريع وقف إطلاق النار ، بعد تخليها عن شرط دخول مصر في مفاوضات معها ، لله درّ عبد الناصر وجزاه عن جميع العسكريين ألعرب خيراً ، وأخيراً أحيي وأكبر جميع منتسبي جحفل اللواء المدرع ١٢ أبن الوليد المشاركين بضربة الجناح الأيمن ضد فرقة مدرعة اسرائيلية زائداً لواء مدرع رابع بقيادة جنرال فردريك لانر ، الذي كان على أبواب ثغرة سعسع كناكر بعد عبورهم لخط وقف إطلاق النار ، الخط الإرجواني وإندفعت لإحتلال خط من التلول المنيعة التي تسيطر على جوهرة العرب المحروسة دمشق ، وكانت معركة ضارية أستمرت أربعة أيام بلياليها وأسأله ، تعالى أن يسكن شهداء تلك الحرب من عراقيين وسوريين ومصريين ومغاربة وجزائريين وأردنيين ، فسيح جناته وأن يجزي الناجين منا خيراً بما هم أهل له ، أما أنا فأشهده تعالى أني ما أردت إلا وجهه ومرضاته كراراً لا فاراً ولا مهزوماً ، وحتى الإنسحاب الذي أجبرت ومن كان معي بعد أن تخلى عنا الجميع فقد كان تحت السيطرة الكاملة ولمسافة كيلومتر ونصف وعدنا لفتح النار على العدو على تل عنتر ، الذي أجبرنا على الإنسحاب منه ، ولا أنسى من كان الى جانبي وقريب مني كاللواء المدفعي سالم حاج عيسى ، والمغوار وبطل الحرب عميد ركن زهير قاسم شكري رحمه الله ، وفريق ركن صبيح عمران الطرفة ، ونقيب ركن سمير ، ولواء خميس حواس الصديد ، وعميد عباس خضير ، وكثير من ضباط الصف الدروع والمشاة والمخابرة والهندسة وضباط الرصد المدفعي وضباط الإرتباط من الأخوة في الجيش السوري وهندسة الميدان ، وأترحم على بعض من أذكر ممن فارقونا رائد ركن عبد الهادي الراوي ، وملازم أول عبد الهادي المعيني ، وعقيد ركن حسين خادم ، ولواء ركن ذاكر جوبان ، والملازم هاني ، وليسامحني من فاتني ذكر أسمه ، حيا الله الجيش العراقي الباسل المقدام ، وحيا الله العراق أبا الغيرة الذي كان يسارع لنجدة أي بلد عربي دون أن ينتظر منهم جزاء ولا شكورا ، وحيا الله جميع الجيوش العربية التي سارعت للمشاركة في حرب تشرين ١٩٧٣ المجيدة .
اللواء مدفعية سالم الحاج عيسى
تم الحاق كتيبتي ، كتيبة مدفعية ميدان ١٥ كأمر مدفعية اسناد اللواء ١٢ المدرع ، وتحركنا من معسكر صلاح الدين الى اج ثري ، حيث التقيت امر لواء المدرع ١٢ ، وتم التنسيق للانطلاق مع اللواء الى الجبهة السورية ، وما ان وصلنا ألا ان تفاجئنا بحشود العدو على الحدود السورية مع هضبة الجولان المحتلة ، كان طيران العدو ناشطآ وحشد متهئيآ لدخول دمشق ، لولا ان ضربنا جناحه الايمن ، وعندما تردد البعض للرصد بالعمق بكثافة النيران تطوعت لأكون بديلآ للرصد اقصى الامام في تل عنتر رغم ، كوني أمر كتيبا وقد وكلت معاوني للتواصل مع امر اللواء وانطلقت الى الامام ، لأني كنت معلمآ لفن مدفعية الميدان لمدرسة المدفعية العراقية ، وطلبتو من امر اللواء السماح لي لتلقين العدو درسآ مرآ تحت قصف الطائرات والمدفعية المعادية ، وجهت نيران كتيبتي بالعين المجردة تجاه حشود دبابات العدو التي التهمتها النيران ، وما كنا نصبو اليه مع امر اللواء ابو اسامة المقدم الركن سليم شاكر الامامي انذاك ، حيث كان هدفنا قهر الاعداء بالاتكال على الله ورفع راية العراق ، وهكذا ادينا الواجب المقدس لاخواننا السوريين دون منة ولا ثمن والله ولي المتقين .
الصحفي رضا الاعرجي البعثة الاعلامية
تمر الذكرى ٤٩ على اندلاع أول حرب يحقق فيها العرب انتصاراً على اسرائيل ، شارك الجيش العراقي في الحرب على الجبهة الشمالية السورية ، واندفعت دباباته على السرف ، في سابقة لم تعرفها الجيوش من قبل ، لتصل غوطة الشام في زمن قياسي ، رشحني الأستاذ طارق عزيز الدبلوماسي المحنك ، وكان وقتها رئيس تحرير الثورة لأكون مراسلاً للجريدة مع المصور حازم باك ، أحد أشهر المصورين العراقيين ، ضمن بعثة اعلامية تشكلت لتغطية الحرب ضمت ممثلين عن جريدة الجمهورية ووكالة الأنباء العراقية ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون ودائرة السينما والمسرح .
وننشر واحدة من الصور ، من على هضبة الجولان ، التقطتها عدسة حازم باك أثناء زيارة اللواء المدرع الثاني عشر الذي كان يقوده العقيد سليم شاكر الإمامي يتوسط الصورة ، أول قائد عراقي يشتبك مع القوات الإسرائيلية ويأسر ١١ دبابة من دروعها ، من رضا الأعرجي ثم أحد الجنود ، يليه عبد الرزاق محمد لفته ممثل اذاعة صوت الجماهير ولاحقاً سفير العراق في لبنان ، وقد قضى بتفجير السفارة الشهير عام ١٩٨١ ، والى يمينه إبراهيم الزبيدي المذيع صاحب الحنجرة الذهبية ومدير اذاعة بغداد آنذاك ، ويسار الصورة المخرج السينمائي لؤي القاضي ، والى جانبه ممثل جريدة الجمهورية عبد الرحيم الشريفي مع حشد من الضباط والجنود .
الفريق الركن الدرع صبيح الطرفة
سجل الفريق صبيح عمران الطرفة ما اكتسب الضباط العراقيون المشاركون بحرب تشرين ١٩٧٣ أكتوبر او رمضان او گيبور ، وما زالوا على قيد الحياة ، وشهادتهم بالتاريخ تحفر بانقاذ دمشق وتحرير ثلث ارضي الجولان السورية وكامل سيناء المصرية ، وما حصل من تداعيات وتأثيرات ما زالت قاىمة لحد الان ، فالحرب استمرت عشرين يوم لكنها الاقوى وتداعياتها ، بعد كل السنوات الطويلة الماضية ، وما يحل حاليا جراء تأثيراتها الى الان "الجولان محتل ، مصر والاردن اقامت علاقات دبلوماسية لكن العلاقة متوترة لحد الان ، دول الخليج تسير نحو التطبيع والسلام ، العراق ما زال يعاني من تدخلات امريكية إسرائيلية ، نتيجة مشاركته بقوة بتلك الحرب التي دفع ما يقارب من ثمانون بالمئة من القوات المسلحة مع الجهد المالي والسياسي الضخم ، وشهادات صحفيين يؤكدون ان جهد عراقي لا مثيل له والبعثة الصحفية الإذاعية والتلفزيونية قامت بدور شجاع وكبير ، بنقل احداث المعركة من القاهرة ودمشق وأرض القتال ومرابطة محسن حسين ومحمد سعيد الصحاف ومعاذ عبد الرحيم ، وبقيت دماء ٨٣٥ شهيد مدفونين بالجولان والغوطة والسيدة زينب واخرين مفقودين وجرحى بالمئات ، شاهد على موقف العراق من قضية فلسطين وانتزاع الاستعمار والصهاينة للأرض العربية .، وعلمتنا الحرب نحن ضباط العراق والقوات المسلحة والمشاركة درس مهم في التاريخ ، ومن يريد الحوار السياسي التركيز على ذالك الحدث المهم، ودروس ابعادها العسكرية والستراتيجية والسياسية ، والرؤية البعيدة الامٌد ونعيش اليوم تأثيراتها بعد كل السنوات الطويلة التي مضت ، دخلنا الحرب يوم ٢١ تشرين أول ٣٧٩١ ، حين هاجمنا أربعة ألوية مدرعة للعدو ، وقد أورد موشي دايان وزير قوات الدفاع الاسرائيلية في كتاب له بالنسخة الانكليزية عن تلك الحرب ، إن أعلى معدل لخسائرهم على الجبهة السورية كان يوم وصول القوات العراقية واندفاع التصادم والصدمة والتصادف ، وأقر الجنرال يعقوب عميدور قائد استخبارات الجبهة الشمالية الاسرائيلية مع سوريا ، أن جيش العراق أوقف تقدمهم لضم المزيد من أرض العرب بإتجاه دمشق ودرعا ، ودرس مهم مسار خطة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر التي بدأها بحرب الاستئنزاف عام ٧٦٩١ ، بإخراج الدبابة والطائرة والصاروخ الاسرائيلي من المعركة وتطبيق خطط بمساندة واسناد الاتحاد السوفيتي انذاك ، مما ادى الى فشل القوات الاسرائيلية وتدمير كبير لحق بجيش الدفاع وتحطيم أسطورة بنيت اعلاميا ، لذا من يفهم نمط الحرب ، يكون ربح نصفها ، ويعلم الله اننا قاتلنا باندفاع مميز بشهادة قادة جيوش العالم . ويرى الطرفة ضابط ادارة وحركات لواء ابن الوليد برتبة نقيب ركن حينها ، ان بقاء هؤلاء الحكام العرب يمثل بقاء الكيان الصهيوني وبقاء التحرك الاستعمارية للوطن العربي ، من ضرورات ترسيخ الكيان الصهيوني ، والحركات السياسية التي تتالت على الحكم وتاييد الحزم بقا ء الكيان ، لذلك حرب تشرين ذكرى خالدة في قلب كل من شارك فيها ، اضافة الى مشاعر العراقين والعرب الشرفاءً كانت همة وفزعة واصرار على قتال العدو الصهيوني رغم ايماننا ان من خطط لها لا تنقصهم العمالة والخيانة للامة والشعب ، لذلك كانت فزعة من العراق لمشاركة اشقاءهم العرب في الحرب ، واشدد القول فزعة كما نسميها لانها ابتعدت عن كل ما تتطلبه الاعداد للعملية العسكرية ، ابتدات من انذار القطعات التي كانت منهمكة في التدريب على القتال وتحولت في ليلة وضحاها الى حٌلة القتال حيث تداخلت اعمال الاركان مع اعمال الاستعداد القتالي ، واعمال القيادات مع شحذ الهمم للاسراع في التنفيذ فتداخلت الاعمال من الادامة الفنية للأسلحة والمعدات الى تهيىتها للقتال ثم للحركة ، لنصبح في صباح اليوم الثالث في مواجهة طيران العدو في منطقة الفقيه اي فجر يوم العاشر من اكتوبر عام ٣٧٩١ ، ودافعنا وحررنا ما يقارب ٠٤ كيلو متر مربع من ارضي الجولان السورية ، ولو أتيح لنا القتال لحررنا اكثر لكن حال دون ذالك وقف اطلاق النار ، يبقى الوضع على ما هو عليه الى ما شاء الله ، وينحدر للأسوء حتى ظهور قائد عادل ثوري وشجاع ووحدوي ، او الى ان يظهر الامام الحجة عجل الله فرجه ، وبعد سنوات العمر تتجلىٌ ستفوق الأمة العربية والإسلامية من غفوتها ، لتثور على واقع أنظمة تحكم وتحرر الارض والعرض .
الفريق الركن دفاع جوي سعد العلكاوي
استرجع الفريق الركن المتقاعد سعد العلكاوي ، الذي كان برتبة ملازم دفاع جوي امر رعيل لبطاريات مقاومة الطائرات لحماية الوية القوات العراقية المدرعة ، بشهادة ان قيادة اللواء ٢١ بإمرة المقدم الركن سليم الامام ادت دوراً كبيراً قي محور المعركة ، وللتاريخ ان لقيادة الحرب رجالها وشراسة وشجاعة افشلت تقدم احتلال دمشق ، واذكر موقف لا ينسى عند عودتنا للعراق واستقبالنا بالحدود السورية نحو مدينة الرمادي حتى العاصمة بغداد باتجاه تكريت ، ان الجماهير وقفت قادمة من البصرة واربيل وكافة المناطق لتستقبل القوات ، واي مكان نمُر به المطاعم والمحلات واصلاح العجلات يتم مجانا لرتل القوات العائدة ، وبقيت ذاكرة يوم دخولنا بغداد لمدة ثمان ساعات واستفبالنا من القيادة العراقية والرئيس الراحل احمد حسن البكر لا تنسى على مر التاريخ ، وارادت الجماهير ان ترفع الدبابات والعجلات على رؤوسها واكتافها وادت التحية والهتافات القومية للضباط والجنود .
الصحفي الدكتور طه جزاع
تحدث الدكتور طه جزاع الكاتب والصحفي عن حرب تشرين ، تمثل نجاح باهر للقوات العربية ، وكانت أياماً رمضانية مشهودة باقية في الذاكرة رغم مرور ما يقرب من نصف قرن على حدوثها ، حيث وافق ذلك اليوم الذي اندلعت فيه الحرب ، يوم العاشر من شهر رمضان ، ولما كان بيتنا قريباً من الشارع العام في المنطقة المقابلة لمعمل بسكولاتة كلية الإعلام بالجامعة العراقية حالياً ، فقد كنا نحن شباب المنطقة وحتى رجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها ، نهرول منذ الصباح إلى الشارع العام لتوديع قطعات الجيش العراقي ، ورؤية الدبابات المنقولة على الناقلات الطويلة ، يعتليها الجنود ونحن نودعهم بالهتافات الحماسية والدموع ، ونتمنى أن يأخذونا معهم إلى جبهات القتال ، وشاهدتُ بنفسي شباناً يركضون وراء الناقلات حتى يتمكنوا من لمس أحذية الجنود وتقبيلها وهم في غمرة عارمة من البكاء ، في مشهد يعكس مقدار الحماسة والاندفاع في نفوسهم . وحين ينقطع الشارع من مرور الآليات العسكرية وتحمل الضباط والجنود ، فإن الجميع يعودون إلى بيوتهم للانكباب على أجهزة الراديو وسماع المحطات الاذاعية العربية والأجنبية ، وتنقل أخبار الحرب التي كان العرب يحلمون بأن ترد بعض كرامتهم التي أُهدرت قبل ست سنوات في هزيمة الخامس من حزيران المروعة .